ترجمة: مدني قصري
نشرت في 30 يناير 2009

كان جون أبدايك فنان أميركا. حاز مرتين على جائزة بوليتزر، العام 1982 والعام 1991. على مدى حياته الأدبية التي استمرت أكثر من نصف قرن، ألف هذا الأديب الغزير، عشرات الكتب، والقصص، والنقد، والمقالات، وروايات الأطفال، والقصائد الشعرية. وكان على الخصوص مشهورًا بسلسلته "رابيت"، و"بيتش".
في فرنسا كان غناه الأدبي متذبذبًا، بلغ أوجه مع فوز "الأزواج"، عند نهاية الستينيات من القرن الماضي. لكن، حتى وإن كان الفرنسيون يفضلون عليه فيليب روث (إذا أخذنا كاتبًا من جيله)، فقد كان جون أبدايك نجمًا من نجوم عصره وجيله. بل كان أكثر من نجم، أسطورة. عشاقه والمتعاطفون معه خصّصوا له موقعًا على الإنترنت، تحت عنوان "ذي سنتوروس" The Centaurus تتناول أدق التفاصيل في نصوص أبدايك المنشورة في مجلة "نيو يوركر" (التي كان يكتب فيها بانتظام)، أو نصوصًا لم تنشر من قبل.
ولد جون أبدايك يوم 18 آذار(مارس) من العام 1932 في بنسلفانيا. عمل في الصحافة، ودرس الفنون التشكيلية في مدرسة روسكين بأوكسفورد. ونال دبلومًا من هارفارد، وانخرط في فريق تحرير "نيو يوركر" التي بدأ فيها بنشر مقالاته.
كتابه الأول كان عبارة عن ديوان قصائد أعقبه بروايته الأولى "يوم عيد في الملجأ" التي قال إنها روايته المفضلة.
أما كتابه الأول في القصة، فقد صنع منه العام 1959 اختصاصيًا في هذا اللون من الأدب. انطلق بعد ذلك في رواية أكثر طموحًا، "قلب أرنب بري" يروي فيه قصة هاري أنغستروم، الملقب بـ "رابيت"، وهو شخص يتأرجح ما بين تطلعات متناقضة، وقريبة من الأميركي المتوسط. ولم يشك يومًا في أن هذه الشخصية سوف ترافقه طوال العمر.
موازاة مع ذلك، نشر قصصًا مع شخصية أخرى، تدعى بيتش، وهو الكاتب المزدوج في شخصية الروائي. كما نشر قصصًا مع عائلة "ميبل" التي جُمعت في فرنسا في كتاب تحت عنوان "بعيدًا جدًا".
كما أضحى الكاتب أبدايك، عن طواعية، ناقدًا صارمًا ودقيقًا، مُعبّرًا عن آرائه النقدية من خلال مقالات طويلة جُمعت في فرنسا تحت عناوين "الحياة الأدبية"، و"ملاحة أدبية". قراءته الأدبية تسعى لأن تكون سخية، فهي عكس النقد المزاجي. فهو يسعى لأن يوضح الكتاب الذي بين يديه، من الباطن، وأن يبرز المشروع الذي منحه الحياة، إذ يقول في هذا الشأن: "إنني أمارس النقد، لا لكي أصدر أحكامًا لكن لكي أفهم، وأبث أشياء".
العمود الفقري في أعماله الأدبية هي رواياته المخصصة لرابيت، شخصيته المفضلة، والتي كان يعلن أخبارها كل عشرة أعوام.
من رواية إلى رواية، نشهد تقدم رابيت وعائلته في العمر، ومن خلال هذا النسيج نشهد تطور أميركا. يكبر نلسون، ويصبح بدوره أبًا، وينغمس في المخدرات، وينفصل عن زوجته. جانيس تخون رابيت، وتندفع، ثم تعود، لتتزوج ثانية في النهاية بالزوج السابق لعشيقة زوجها الراحل. عند أبدايك الأزواج يتغيرون، ويتغيرون وفقًا لتقلبات البلاد وتذبذباتها، كبيرها وصغيرها. نكسون يسقط، وريغن يمتد، وكلنتون يتأرجح.
لعب الجنس دورًا مهمًا في أعماله الأدبية، حيث أثار فضيحة أخلاقية كبيرة مع روايته "الأزواج"، التي يروي فيها تبادل العلاقات الجنسية ما بين عشرات الأزواج والزوجات، في مدينة صغيرة خيالية. "أكثر الأشياء سرية في حياة الإنسان، كما كان يقول، هي الجنس، والفن والدين". أما روايته "ساحرات أيستويك" التي أصدرها العام 1984 والتي اقتبست سينمائيًا، فقد أثارت موجة عنيفة من الانتقاد من قبل الحركات النسوية. لكن ذلك لم يمنعه من أن ينشر العام 2008 بقية لهذه الرواية تحت عنوان "أرامل أيستويك".
ــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الغد ، 30يناير 2009.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق