مرفت عمارة
تاريخ النشر: 13-2-2016
جويس كارول أوتس. روائية أمريكية معاصرة وكاتبة قصص قصيرة وشاعرة وكاتبة مسرحية وناقدة أدبية، عرفت بكونها المرشحة الدائمة لجائزة نوبل. صاحبة المائة كتاب. تتحدث هنا عن الذاكرة المتقلبة للأمريكيين، وكيف أوقعها موقع "تويتر" في ورطة. حين قالت "لست متأكدة من أنني أملك هوية". وهي عبارة يشوبها الخزي، فنحن نعيش في زمن حيث مفهوم الهوية له قدسية، وبلغة الرأسمالية المتأخرة هي "صك للشخصية"، وإفتراض عدم وجودها يعتبر محرماً، خاصة إذا كنت شخصاً كثيراً ما يُوصف بأنه "سيدة الرسائل الأولي في أمريكا".
وصلت أوتس لنهائيات جائزة بوليتزر خمس مرات، وهي مُهتمة بشكل مكثف بصورة أمريكا، ورغم ذلك هي ليست مشحونة بفخر الانتماء. يبدو أنها منتمية لآخرين من حقبة ماضية، حيث رجال أقوياء ونساء منطويات مررن غالبا بتجارب العار الجنسي، يتضح ذلك في قصصها الإنسانية، التي يغلب عليها الرعب، تقول "يجب أن نحس علي الفور أن الرعب حقيقي وغير حقيقي في وقت واحد، طبقا لمدي صدق حالات العقل، والعواطف، والمزاج".
أجرت صحيفة الجارديان البريطانية حواراً معها، في منزلها الواقع في ريف ولاية نيوجيرسي، حيث قطتها البنغالية "كليوباترا" التي لا تتركها أبداً. قالت أوتس وهي تحتسي شايا بالأعشاب: لا أهتم كثيراً بنفسي، لا أتردد علي الحانات مثلما يفعل كثير من الأدباء، أمثال اليزابيث تيلور وريتشارد بيرتون، اللذين كانا يهويان التردد علي بارات نيويورك، إلي الحد الذي انحصر فيها اهتمامهما في شخصيات الزبائن".
تعاني أوتس دائماً من حالة التوحد مع أبطالها، فهي الآن تتقمص دور مارجوت شارب بطلة روايتها الجديدة (رجل بلا ظل)، طبيبة الأعصاب، التي ربطتها علاقة بفاقد الذاكرة إليهو هوبز، والتي لا تقبل إلا أن تكون شمعة متوهجة، والتي تتساءل دائماً: "ماذا لو لم تكن لي هوية؟. تجيب أوتس: "نحن نخترع القصص، لتكون الشماعة التي نعلق عليها هواجسنا، أشعر أنني متطابقة تماماً مع شخصية مارجوت، ليس فقط في ميولها، وإخلاصها في العمل، بل في مجازفتها أيضاً".
ذكريات إليهو لا تستمر لأكثر من سبعين ثانية، فهو ينظر إلي كل مقابلة مع مارجوت، باعتبارها الأولي استطاعت أوتس أن تشكل ارتباطا ما بينهما، تجعل كل مقابلة تجدد علاقتهما إلي الأبد. تفسر ما فعلته قائلة: " علاقتهما مختلفة، فهي غير واقعية، وهذا ما كان يؤرقني كثيراً، أنه لا يوجد مثل هذا النوع من العلاقات". تزوجت أوتس من رايموند جي سميث، الأستاذ الجامعي ورئيس تحرير مجلة "أونتاريو ريفيو"، حيث تعرفا ببعضهما عام 1974، وبعد وفاته عام 2008 بسبب مضاعفات ناجمة عن الإلتهاب الرئوي، كتبت "أوتس" عن حزنها في مذكراتها "قصة أرملة". بعد فترة وجيزة تزوجت طبيب الأعصاب شارلي جروس، وهو قارئ متحمس لروايتها الأخيرة التي جاءت، كما تقول، كنتيجة لكتابة "قصة أرملة"، وأنها اضطرت للتعامل بصرامة مع ذاكرتها.
تتعامل أوتس المولودة عام 1938 مع عدة مشاريع للكتابة في آن واحد، إلا أنها بمجرد انتهائها من كتابة المذكرات، عادت مجدداً لكتابة الروايات والقصص. تقول: "من الصعب كتابة رواية عندما تبدو الحياة حقيقية.. علي أي حال لا ينتابني قلق من الكتابة، إنها متعة، فحياتنا كأدباء سهلة مقارنة بأناس يكدحون ويعانون". تلتزم أوتس بالكتابة لثماني ساعات يومياً. لذلك أنتجت كثيراً من الأعمال، فهي نفسها تقول: "قائمة كتبي مبالغ فيها"، فمن أعمالها؛ (هُمْ) التي تتحدث عن التفرقة العنصرية في ديترويت الستينات. و(لأنها مرارة قلبي) عن قصة حب مراهقين من عرقين مختلفين والتي فازت عام 1970 بجائزة الكتاب الوطنية، بينما حصلت روايتها ذائعة الصيت (المياه السوداء) علي ترشيح لجائزة بوليتزر، وهي رواية عن حادثة فضائحية لأحد أفراد عائلة كندي الذي مات إثر غرق سيارته في إحدي البحيرات مع عشيقته، ثم كتابها الملحميّ (شقراء) عن مارلين مونرو، الذي وصل إلي القائمة النهائية لجائزة الكتاب الوطنية،.
بجانب أعمالها الأدبية، تكتب أوتس مقالات نقدية مطولة، في نيويورك ريفيو أوف بوكس، عن الأدباء. هذه المقالات أتاحت لها الاطلاع علي كثير من الأعمال، تتذكر: " في يوم كنت جالسة في مطار دالاس، بجوار كتب كورماك مكارثي، التي لم أكن قد قرأتها، سحبت هذه الكتب التي كانت في غاية الإحباط.. إلا أنه كاتب جيد". كل ذلك هذا الاخلاص للكتابة، جعل المهووسين بأعمالها يتزايدون يوماً عن آخر، فيتابعها نحو مائة وأربعين ألف شخص علي "تويتر"، وكل ما تكتبه يثير الجدل كثيراً، مثل ما كتبته عن تعرض 99٪ من النساء في مصر إلي حوادث عنف، من التحرش إلي الاغتصاب، ما فسره البعض بأنها تخلط بين العنف ضد المرأة والإسلام. توضح أوتس: "ردود الفعل كانت عاطفية، ولا أحد يدفعني لكتابة شيء، أنا أكثر جدية تجاه العالم الأدبي، وأكتب عروضاً عن كتب طويلة جداً، وتلك هي حياتي الحقيقية".
ــــــــــــــــــــــــــــ
** المصدر: "أخبار الأدب" المصرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق