لميس علي
تاريخ النشر: 23-10-2012
بعد مضي سنوات العمر.. استغراقاً بمناوشة الكلمة.. وعبر كتابة (مذكّراتها) كان أن واجهت ذاتها. وقفت قبالتها وجهاً لوجه.. استعداداً لكشف شخصيتها الحقيقية في ضعفها وهشاشتها التي ميّزت جويس سميث (نسبةً لاسم زوجها)عن جويس كارول أوتس (الأديبة).
في تلك المذكّرات تعترف: (كان من الخطأ الاستمرار بعد موت راي).. هكذا ببساطة تعرّي ضعفها كزوجة.. بل كأرملة صُدمت لموت شريك حياتها وإبداعها ريموند سميث.
جويس كارول أوتس الأديبة التي شملت كتاباتها ثمانية أنواع إبداعية: الرواية، الرواية القصيرة، القصة القصيرة، الأعمال الدرامية (المسرح)، المقالات، النقد، الشعر، كتب الصغار، وكتب الفتية.
ولدت في السادس عشر من حزيران عام 1938 في نيويورك. درست في جامعة سيراكيوز وحصلت على الماجستير من جامعة وسكونسن. كانت أولى رواياتها (سقوط يبعث الرجفة) عام 1964. تقوم بتدريس الكتابة الإبداعية بجامعة برينستون منذ عام 1978.
في جامعة ديسكونسين- ماديسون، كان لقاء الاثنين، راي (ريموند) وجويس.. وخلال ستينيات القرن الماضي بدأت علاقتهما العاطفية التي أدّت إلى زواج استمر سبعاً و أربعين سنةً انتهت بموت ريموند عام 2008 لدى إصابته بمرض ذات الرئة.
لم يكن انسجام الزوجين عاطفياً فحسب، بل فكرياً أيضاً.. حيث أصدرا مجلة أونتاريو ريفيو.. وقررا التخلي عن إنجاب الأطفال لصالح التفرّغ لحياتهما الإبداعية التي كانت حصيلتها بالنسبة لجويس (115) كتاباً.
أمّن ريموند الحماية اللازمة لزوجته.. وكان شديد الحرص على أن لا يصيبها أي إزعاج أو ضرر.. وكما لو أنهما كانا على اتفاق أن لا يتبادلا سيء الأخبار ليوفر كل منهما على الآخر منغصات الحياة اليومية.
أصيب راي بمرض ذات الرئة ونقل بسببه إلى المشفى. هناك وبينما طلب أحدهم من جويس القدوم لرؤية زوجها.. كان أن فارق الحياة قبل وصولها.
أنّبت جويس نفسها كثيراً لعدم قدومها في الوقت المناسب إلى المشفى حيث زوجها الذي كان يحتضر دون إدراكٍ منها لخطورة وضعه.. ولهذا عاشت فيما بعد أقرب إلى هيئة الشبح.. انسلخت عن شخصية جويس كارول أوتس.. لتأتي كتاباتها بعد ذلك بضمير الغائب.
هل كانت آلية الكتابة بهذه الطريقة الجديدة ليست أكثر من أسلوب لحماية الذات؟
بموت ريموند، شريك الحياة والإبداع، غرقت جويس بتناول الأدوية.. وكأنما أرادت الهروب من وضع الأرملة الذي أفاقت يوماً لتجد نفسها فيه. لم تجد مخرجاً إلا في علاقاتها بالصديقات في التعليم.. وفي بعض من الأعمال البسيطة: زراعة حديقة زوجها.. وتفاصيل الحياة العابرة.
نقّبت عن القوة.. فاستخرجتها من تعليم طلابها.. ووجدت ما يكفي من الشجاعة للتوقف عن تناول حبوب الكآبة التي كانت واظبت عليها.
اتسمت كتابات أوتس بقدرة لافتة على تحليل المجتمع الأميركي من خلال تركيزها على الأسرة والفرد.. معالجةً موضوعات مثل: قوة العقل الباطن، الاغتصاب، العنف.. راصدةً تحوّلات هذا المجتمع طوال (35) عاماً من الكتابة. من ميّزات أسلوبها أنها تستغرق بحواراتها الداخلية وتفاصيل الشخصيات النفسية.. وكانت ذكرت أنها تأثرت بكتابات هنري جيمس وهنري ديفيد ثورو, ووليام فوكنر.
معظم شخصيات أوتس هي من مختلي العقل.. ومع ذلك هي شخصيات تنبض بالحياة.
في مجموعة (الأنثى كنوع) يبدو أنها تظهر مقدرتها في تنويع أساليب الكتابة.. حيث عُرف عنها التجريب واستخدام أساليب متنوّعة. تتحدّث المجموعة عن تسع نساء يرتكبن جرائم بدافع الحب أو الإحباط.. وهي عبارة عن تجليات للأنثى بهيئات مختلفة أوجدتها ظروف خاصة تحيط بها.
يرى البعض أن العالم الذي تصوّره أوتس، في الغالب، يبدو عالماً دموياً.. وآخرون يرون أن بعضاً من قصصها مأخوذ من عناوين الصحافة.. وكلا الرأيين لا ينفيان أنها رصدت الدوافع والانفعالات الخفية الغائرة في عمق الحالة النفسية لشخصياتها.. وهو ما جعلها تحافظ على نوعية جيدة لأعمالها على الرغم من ضخامة إنتاجها.
بالنسبة للجوائز فقد حصلت على جائزة الكتاب الوطني عن رواية (هم)، جائزة بن مالامود، جائزة فيمينا عن رواية (الشلالات)، ورُشحت لجائزة البوليتزر عن ثلاث روايات.. كما رُشحت لجائزة نوبل أكثر من مرّة. من النصائح التي تقدمها جويس كارول أوتس إلى الكتاب الشباب تقول:
اكتب من القلب. لا تضع في حسابك أن يتم التعامل معك بعدالة، أو برحمة على الأقل. انغمس في القراءة، وفي قراءة الكاتب الذي تحبه. أقرأ كتاباته الأولى على وجه التحديد وقبل أن يصبح له صوت ومكانة مرموقة. لا تخجل من موضوعك ومن رغبتك في الكتابة عن مسألة محددة. انتبه لرغباتك «المقموعة» قد تكون الزيت الذي يغذي عجلة الكتابة لديك.
ــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الثورة يومية-سياسية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق