الثلاثاء، 12 يوليو 2016

لماذا يكتبُ الكتّاب؟

كتب: رواد خير الله

تاريخ النشر: 21-07-2014

ما مِن كاتبٍ أو شاعر أو روائي أفلت من هذا السؤال الذي طرحه كتاب {لماذا تكتب؟}، ليس في اللقاءات والمقابلات فحسب، بل حتى مع نفسِه، لا سيما في تلك اللحظات التي تستعصي فيها الكتابة، وتجفّ فيها اللغة. ما مِن كاتبٍ لم يسأل نفسه مراتٍ عدة: لماذا أكتب؟ أو لمن أكتب وكيف أكتب؟ وقد اقتصر المؤلف الأسئلة على سؤال واحد لدلالته العميقة.
صدر عن «الدار العربية للعلوم» كتاب «لماذا تكتب؟ عشرون من الكتاب الناجحين يجيبون عن أسئلة الكتابة»، تحرير ميريديث ماران، ترجمة مجموعة من المترجمين العرب، ومراجعة بثينة العيسى وتحقيقها.
يحتوي كتاب {لماذا نكتب؟} على 20 فصلاً يتحدث فيها عشرون كاتباً عن السبب الذي دفعهم إلى الكتابة، بالإضافة إلى أفضل وأسوأ لحظات الكتابة لديهم، أهم المحطّات التي أسهمت في تكوينهم. كتاب {لماذا تكتب؟}، مكرس لفكرة أن القراءة أمر جيّد إلا أن الكتابة أفضل. وفي النهاية يختتم كل فصل بأفضل نصائح الكتابة، هدية للكتَّاب المبتدئين وأصحاب الخبرة من جميع الأجناس والأعمار وتجارب الحياة.

الكتابة صنعة
انتُخِب كتّاب الكتاب على أساس النجاح الذي حققوه في الكتابة كصنعة، وفي تجارة الكتابة معاً. الكتّاب الذين حصلوا على جوائز، وحققوا أكبر كمٍ من المبيعات، وترجمت أعمالهم إلى عشرات اللغات حول العالم، وحازوا مكانة أدبية لافتة وكتبت فيهم مراجعات وقراءات مثيرة للجدل. من بينهم الروائية التشيليانية إيزابيل الليندي، المعروفة للقارئ العربي بمؤلفيها {ابنة الحظ} و{باولا}. وسبستيان جنغر الذي كتب {العاصفة الكاملة}، الكتاب الذي تحول إلى فيلم من بطولة جورج كلوني. وسوزان أورلين التي تحوّل كتابها {سارق الأوركيد} إلى فيلم {تكيّف} لنجميّ هوليوود ميرل ستريب ونيكولاس كيج. وأسماء أخرى تتمتّع بصيتٍ شعبيّ وأدبي في الولايات المتحدة الأميركية والعالم، مثل ديفيد بالداتشي، وجينفير إيغان الفائزة بجائزة بولتيزر وصاحبة رواية {زيارة من زمرة البلهاء}،  وجيمس فري الذي رفضت روايته {مليون قطعة صغيرة} من 17 ناشراً قبل أن توافق doubleday على نشرها، وسو غرافتون، سارة غروين، كاثرين هاريسون، غيش جين، وسباستيان جنغر، وماري كار، ومايكل لويس، فضلاً عن تيري ماكميلان، مؤلفة الكتب ذات المبيعات الأعلى لعام 1995. تروي أنها في إحدى رحلاتها إلى جمايكا الساحرة، كان أجمل ما وقعت عليه عيناها، وكانت تبلغ الثالثة والأربعين من عمرها، شاباً وسيماً من جمايكا، اسمه جوناثان، وسرعان ما تطور الأمر وشعرت تيري بأنها مغرمة بهذا الشاب رغم أنها كانت في عمر أمه، لكن جوناثان قال إنها لم تكن أمه، وسألته ما إذا كان يريد أن يكون صديقها، ووافق فوراً. بعد ثلاثة أشهر، عادت تيري إلى كاليفورنيا، وسألت جوناثان، مصدر إلهامها في الكتاب الذي حقق أعلى مبيعات، وحمل عنوان «كيف استعادت ستيلا حياتها»؛ لينتقل للعيش معها في منزلها الذي تبلغ قيمته الملايين من الدولارات.
طلب المؤلف من كل واحد من العشرين المشاركة بالجانب غير المحبب من حياة الكتابة. قال مايكل توما: {عندما أبدأ العمل على كتاب أدخل في حالة هياج ذهني شديد، يضطرب نومي ولا أحلم إلا بمشروع الكتاب}. وقالت الليندي: {أبدأ كل كتبي في الثامن من يناير، هل يمكنك تخيل السابع من يناير؟ إنه الجحيم. جينفير ايغان، الروائية الحائزة جائزة البوليتزر، اعترفت بأنها تقلق، كثيراً: {إنه لأمر مخيف، أن تسكب الوقت والجهد في مشروع ليست له هوية أدبية واضحة، واحتمال أن الناشر سيقول لك: لا يمكننا أن ننشر كتابك الغريب!
انبثقت فكرة ترجمة كتاب {لماذا تكتب؟} باللغة العربية ونشره عندما ولج مشروع {تكوين} في العام 2013، كمشروع ثقافي أدبي متخصص في الكتابة الإبداعية، كما تشير الكاتبة الكويتية بثينة العيسى في مقدمة طبعة الكتاب العربية، وهو عبارة عن جهود جماعية لعشاق الأدب المخلصين، فأنجز كتاب {تكوين الأول} متناولاً أكبر أسئلة الكتابة على الإطلاق، سؤال الـ{لماذا}؟، ليكون الكتاب مفتتحاً لسلسلة إصدارات متخصصة في قضايا الكتابة الإبداعية.

إيزابيل الليندي: كل قصة هي بذرة في داخلي...
أحتاج أن أروي قصة. إنه هاجس. كل قصةٍ هي بذرة في داخلي، تبدأ في النمو والنمو، مثل ورم، ويجب عليّ أن أتعامل معها عاجلاً أو آجلاً. لماذا قصة بعينها؟ أنا لا أعرف ذلك عندما أبدأ. ولكنني أتعلم ذلك في ما بعد.
على مرّ السنين، اكتشفتُ أن كل القصص التي رويتها، كل القصص التي سأرويها على الإطلاق، مرتبطة بي بشكل أو بآخر. عندما أتكلم عن امرأة في العصر الفيكتوري ترحل عن الأمان في بيتها وتأتي مطاردةً حمّى الذهب في كاليفورنيا، فأنا أتكلم عن الأنثوية، عن التحرّر والانعتاق، عن الأمور التي مررتُ بها في حياتي الخاصة، هاربةً من عائلة تشيلية، كاثوليكية، محافظة، بطريركية، فيكتورية... خارجة إلى العالم.
عندما أبدأ بكتابة كتاب، فأنا لا أملك أدنى فكرة إلى أين سيذهب. إذا كانت رواية تاريخية أكون قد بحثت في الفترة الزمنية والمكان، ولكنني لا أدري ما هي القصة التي سأرويها. أنا فقط أعرف بأنني أريد، بشكل رقيق وخفي، أن أوقع تأثيراً على قلب القارئ، وعقله.
أعتقد بأن يمكن لقرائي أن يستغربوا عندما يعرفون كم أنا انتقائية مع اللغة. كيف أقرأ فقرةً بصوتٍ عالٍ، وإذا كانت هناك كلمات مكرّرة، فهذا لا يعجبني. أتفحّص أعمالي المترجمة إلى الإنكليزية سطراً بسطر. ترسل إلي مترجمتي مارغريت من 20 إلى 30 صفحة، وعندما أجد كلمة واحدة لا تتطابق والمعنى الذي كنت أرمي إليه، أستعين بالمعجم.
مهمٌ جداً بالنسبة إلي، أن أجد الكلمة المحددة التي سوف تخلق الشعور أو تصف الحالة. أنا انتقائية جداً في هذا الجانب، لأنها المادة الوحيدة التي نملكها: الكلمات. ولكنها مجانية، لا يهم عدد المقاطع اللفظية التي تحتوي عليها: مجانية! يمكنك أن تستخدم منها بقدر ما تريد، إلى الأبد!
أكتب بالأسبانية. أستطيع أن أكتب خطاباً بالإنكليزية، ولكن كتابة الخيال تحدثُ في الرّحم، ولا تتم معالجتها في الذهن حتى تشرع في المراجعة والتصحيح. ولكن رواية القصص تأتي إليّ بالأسبانية. الأمر يشبه ممارسة الحب، لا أستطيع أن أعشق بالإنكليزية.
أحاول أن أكتب بشكلٍ جميل ونافذ. في اللغات الرومانسية مثل الأسبانية، الفرنسية والإيطالية ثمة طريقة مزهرة لقول الأمور، لا تجدها في الإنكليزية. يقول لي زوجي بأنه يستطيع أن يعرف دائماً إذا وصلته رسالة بالأسبانية: الأظرف ثقيلة! بالإنكليزية، الرسالة هي فقرة، وأنت تذهب إلى الفكرة مباشرة، بالإسبانية هذا غير لائق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الجريدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق