السبت، 9 يوليو 2016

نيل كاسيدي.. ملهم حركة جيل البيت

متمرد من «الهيبز» أشعل نيويورك بهتاف: السلطة للشعب

إعداد: أحمد عثمان
تاريخ النشر: السبت 09 يناير 2016


صدر مؤخرا الجزء الثاني من مراسلات نيل كاسيدي، صديق آلان غينسبرج، بطل رواية «على الطريق» ونصوص أخرى كتبها جاك كيرواك في إطار البحث عن الزمن الأمريكي المفقود. نيل كاسيدي، الملهم السري لجيل البيت، حسبما بيّن جاك كيرواك أن «رسالته عن جوان آندرسون» (الموجهة إليه في عام 1951، والمنشورة في الجزء الأول من المراسلات)، تمثل العمل الرائد الذي ألهمه وأرشده (في مسيرته الأدبية).
 أحيانا، ينظر إلى كاسيدي، على اعتبار أنه أحد أكبر السورياليين، الذين تحصلنا منه على بعض الرسائل ورواية أوتوبيوغرافية غير كاملة صدرت بعد الوفاة: «الثلث الأول» (بالإنجليزية)، أو «أول الشباب» (بالفرنسية). هذه المراسلات من الممكن قراءتها اليوم، على الرغم من عدم احتوائها على الرسائل الموجهة إلى كارولين، ملهمته وزوجه الثانية، بسبب مشاكل حقوق الملكية، والتي تتحدث عن الفترة التي قضاها في السجن خلال 1958 و1960، لحيازته «الماريجوانا».
 والمأمول أن تنشر هذه الرسائل قريبا تحت عنوان «Grace Beats Karma». يرجع هذا الجزء إلى عام 1951: في كاليفورنيا، تقابل نيل كاسيدي وكارولين للمرة الثانية، بعد أن هجرها من قبل لأجل ديانا هانسن، وانفصل عنها، واستعاد عمله كشداد فرامل في الساوثرن باسيفيك، حتى موته في عام 1968، على طريق سكة حديدية، في سن الثانية والأربعين. عدد ملحوظ من هذه الرسائل موجه إلى كارولين، أم لثلاثة من أطفاله الأربعة، التي عاش معها حالة حب كبيرة حتى الانفصال والطلاق في عام 1963. وفي نفس الوقت، كانت بطلة كيرواك، ثم أصبحت مؤرخة حركة البيت مع مذكراتها: «على طريقي» (1990).
 تسمح الملاحظات التي أضافتها (المترجمة) فاني والندورف إلى كل رسالة من إعادة بناء تاريخهما، تاريخ الحب العاصف، الرقيق والخالد، الذي يمثل في الوقت الراهن جزءا من أسطورة جيل البيت. بعد موت نيل، التي رفض كيرواك تصديقه، بدأت العلاقة بين كارولين كاسيدي والكاتب تتراجع، وتتعاظم بإدمان الكحوليات. وبعد عام علمت بوفاته. ولذلك، تنتمي كارولين إلى التاريخ، ورسائل كاسيدي الموجهة إليها لا تثير دهشتنا أبدا: بما أنها تمثل تتمة الرسائل المنشورة في الجزء الأول. بالمقابل، ننفعل بالرسائل التي وجهها كاسيدي إلى ابنه جون في نهاية حياته: الأبطال يشيخون ويصبحون آباء. ومع ذلك، بينما كان جاك كيرواك يسمن إلى جانب أمه العجوز، ويصرّح بأقوال «رجعية» أسيء فهمها من قبل معجبيه القدامى، وبينما أطلق آلن غينسبرج لحيته وأصبح ممثل الحركة وأخذ يهز قبضته إلى جانب (جون) لينون، السلطة للشعب، في الساحات النيويوركية، كان نيل كاسيدي، الدائم الشباب، كما وصفه (بوب) ديلان، ينبجس من الرماد في سن النضوج ويتجسد كأيقونة لجيل جديد، جيل الهيبز، الذي ظهر في الستينيات.
 وهكذا أخذ صديق كيرواك وغينسبرج يجول الولايات المتحدة الأمريكية رفقة كين كيزي وموسيقى الروك. أصبح بطل كيرواك بطل توم وولف أيضا (مؤلف أحد الكتب المهمة: تجربة الحامض). بينما ارتبط غينسبرج، «الشاب العجوز» المثير للشفقة بالنجم الصاعد ديلان لكي يبقى في النور (فيلم: «رينالدو وكلارا»، الفيلم الوحيد لديلان، النتاج الملعون. ديلان وغينسبرج يدعسان بأقدامهما أوراق الخريف، يتقابلان عند قبر كيرواك)، فإن نيل، غير الناضج، المتمرد، الجاهل (بالمعنى النبيل للكلمة: «إنه غير مثقف»، والذي حافظ على أصالته) ظل جزءا من مغامرة الستينيات. أخطأنا عندما اعتقدنا أن نيل، سائق الباص، الملاك خائر القوى، المتمرد، أصبح سائقا لدى السيد: إذا كان كين كيزي أجبره على قيادة باص «المساخر المبهجة»، لكي ينقل الكلام الهيبي عبر البلاد، فهذا لأن نيل كان يمثل الحرية المطلقة عن كيرواك وغينسبرج، المتخثرين في صورتيهما المعبرتين عن أصالة (وجود) البيت. وربما لأنه لم يكن كاتبا (بالمعنى الدارج)، ولكن قبل أي شيء شخصية لا يمكن اختزالها في مدرسة (حرة)، في تاريخ، في نموذج. كان نيل نجما، شمسا، حلما قادرا على تأجيج أجيال متتابعة، خافية بدائية.

ـــــــــــــــــــ
المصدر: الاتحاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق