عرض - عبدالله بن عمر
"بسكال فريبوس" قارئ معجب بأعمال "ميلر" الروائية، وكان على مدى سنوات يتتبع جديد "ميلر" ويقرؤه بشغف شديد، وفي ذات يوم تجرأ وأرسل رسالة إلى "ميلر" يشكره فيها على أعماله ويثني عليه.
لم يكن "بسكال" ينتظر أن يأتيه رد من كاتب بحجم "هنري ميلر"، ولكن رسالة فاجأته تحمل خط "ميلر"، مكتوب فيها كلمات قليلة.. "لم لا نلتقي؟!" وبعد أسبوعين سافر الشاب "بسكال" إلى حيث يقع منزل "ميلر" في كاليفورنيا.
والطريف أن زائر "ميلر" يجد لوحة مسمرة على باب منزله كُتب عليها: "عندما يكبر شخص ويكون قد أدى واجبه على هذه الأرض له الحق في أن يستعد للموت بسلام، فهو ليس بحاجة إلى رؤية الناس، لقد رأى منهم ما يكفيه وعرف منهم ما يكفيه، فلا فائدة من الذهاب لرؤيته وإزعاجه بالثرثرة والسخافات، يجب أن تمر بجانب بيته وكأن لا أحد بداخله".
يستقبله "ميلر" الشيخ الثمانيني الذي انطفأت إحدى عينيه، بمرح وترحاب، وينغمس الاثنان في حوار لذيذ يحاول الكاتب توثيقه في أثناء الكتاب، يتحدث "ميلر" إلى "بسكال" كما يتحدث إلى قرائه في كتابه الشهير "الكتب في حياتي"، يستطرد كثيراً، يدور في إطار الموضوع قبل أن يبتعد قليلا أو كثيراً، يقهقه بشدة ويسخر من كل شيء تقريباً.
تحدث "ميلر" عن نشأته في بروكلين، وعن قرار الكتابة، وصعوبات النجومية وتحدياتها، وعن قضايا كثيرة وتفاصيل متنوعة من حياته المديدة. عن والدته، وتجاربه العاطفية، وسماته الشخصية، وأفكاره الأساسية في مؤلفاته، وذكرياته في باريس.
في الجلسة الأخيرة، أي في اليوم السادس من الزيارة، يقول "هنري ميلر": متعة عظيمة ان يتحاور رجل عجوز مثلي وشاب مقبل على الحياة عن أشياء الحياة دون تلاكم أو تشاتم، ويجدان في ذلك كل الرضى، يودع الشاب البلجيكي مضيفه العجوز، الذي يموت بعد ذلك اللقاء ببضعة أشهر، في التاسع من يوليو سنة ١٩٨٠م.
ــــــــــــــــــ
المصدر: جريدة الرياض، 27 أبريل 2016م، العدد 17474.
ــــــــــــــــــ
المصدر: جريدة الرياض، 27 أبريل 2016م، العدد 17474.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق