الجمعة، 28 أكتوبر 2016

بول بيتي ينتقد العنصرية ويفوز بـ «مان بوكر»

لندن - مودي بيطار 


للمرة الأولى يفوز كاتب أميركي بجائزة «مان بوكر» التي اقتصرت حتى 2013 على كُتّاب بريطانيا ودول الكومنوِلث. ضمّت اللائحة القصيرة بريطانيين وكنديين وأميركيين، وشملت الأعمال المرشحة رواية بوليسية سيكولوجية. ينال الفائز خمسين ألف جنيه استرليني، وتمنحه الجائزة فرصة الترجمة الى لغات عدة ودخول لائحة الأكثر مبيعاً.

رأت «لوس أنجلس تايمز» رواية «الخيانة» لبول بيتي إحدى أهم الروايات الأميركية في القرن الواحد العشرين، وطوّبت «سان فرنسيسكو كرونيكل» الكاتب الأسود الساخر، مارك توين عصرنا. قال بيتي إن القراء قد يجدون روايته صعبة، لكنّ المؤرخة أماندا فورمان، رئيسة لجنة الحكم، رأت أن «ليس على الأدب أن يكون مريحاً. نادراً ما تكون الحقيقة جميلة، وهذا كتاب يعلّق القارئ على الصليب بحماسة مرحة، وهذا سبب نجاحه». امتدحت فورمان حيوية بيتي وثقته وكتابته بأقصى قدرته، وقالت إن «الخيانة» تغوص في قلب المجتمع الأميركي المعاصر بدابة وحشية لم ترَ مثلها منذ جوناثان سويفت ومارك توين. تكثر الشتائم وكلمة «زنجي» في الرواية «المرحة المؤلمة في آن» التي أضافت فورمان أنها تتحدى المحرمات الاجتماعية والصواب السياسي والبقرات المقدسة. اختار أعضاء اللجنة الخمسة «الخيانة» بالإجماع بعد اجتماع دام أربع ساعات، ومدحوا مقاربتها الكوميدية المبتكرة لقضايا الظلم والهوية العنصرية في أميركا.

بكى بيتي (54 سنة) حين أعلن فوزه وقال إن الرواية أبكته مراراً لأسباب عدة، وصعبت كتابتها عليه. نال جائزة حلقة النقاد في بلاده عن الرواية نفسها، وأدهشه كون الجميع يرونها كوميديا. هو الكاتب الأسود الثاني الذي ينال مان بوكر بعد مارلون جيمس العام الماضي، وبدأ شاعر هيب - هوب ثم انتقل الى الرواية متأثراً بجورج أورويل وكورت فونيغوت. كانت والدته ممرضة ورسامة، وشجعته وشقيقتيه على قراءة سول بيلو وجوزف هلر، مؤلف «كاتش 22». ضمّت اللائحة القصيرة «آيلين» لمواطنته أوتيسا مشفق، «لا تقل إننا لا نملك شيئاً» و»كل ما هو الإنسان» للكنديين مادلين تيين وديفيد سالوي، «مشروعه الدامي» و»حليب ساخن» لغريم ماكري بنيت وديبرا ليفي من المملكة المتحدة.

يبقى بطل «الخيانة» الشاب بلا اسم وينتمي الى عائلة «مي» ومعناها «أنا» (بالعربية). أشركه والده، عالم الاجتماع، في اختبارات نفسية عن العرق لكي يحصّنه منذ طفولته ضد التمييز العنصري. تعيش الأسرة في إحدى ضواحي لوس أنجلس حيث يعتمد سكانها على الزراعة وتربية الماشية، وحين تقتل الشرطة الأب عند إشارة سير يحتار الشاب ولا يصدق. «اعتقدت بأن موته حيلة. خطة متقنة ليلقنني درساً عن مصيبة العرق الأسود، ويلهمني بأن أنجح. توقعت نصف توقع أن ينهض، ينفض ثيابه ويقول:»هل رأيت يا زنجي؟ إذا كان هذا يحدث لأذكى الرجال السود، تخيل ماذا يمكن أن يحدث لك يا غبي. موت التمييز العنصري لا يعني أنهم لم يعودوا يقتلون الزنوج فور رؤيتهم».

يزرع الراوي البطيخ الأصفر، ويتعاطى الحشيش. يسيطر على بلدته ديكنز بعد موت والده، ويجري اختباراً يعيد العبودية والتمييز العنصري. تظهر لافتات «للبيض فقط» على الباصات والمستشفى والمدرسة، ويشارك شخصياً في اضطهاد قومه حين يجعل هوميني، الذي احترف التمثيل في طفولته، عبداً له ويريح قدميه على ظهره. تشوّش معاملة السود سلوكه، ولا يغضب حين يواجه الإذلال، بل يتساءل ما إذا كان عليه الانـــسحاب بكرامة وكتابة رسالة احتجاج الى المحافظ. يتشرّب الذلّ وينكر هويته في تبنٍّ لســلوك السلطة البيضاء، ويسخر من حركة الحقوق المدنية. حين يملأ ورقة الإحصاء السكاني، لا يختار خانة «أسود» بل «عرق آخر»، ويجد الحل في اعتبار نفسه كاليفورنياً كأن كاليفورنيا هوية وحالة ثقافية تعني الليبرالية والمبادئ التقدمية. لا يطول اختباره، إذ يعتقل ويساق الى المحكمة العليا.

ـــــــــــــــــــــــــ

(*) جريدة الحياة اللندنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق